نشهد اليوم نضجاً سريعاً للتقنية وفهماً أفضل لنماذج الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي تغييراً سريعاً ونمواً كبيراً في قطاع الخدمات المالية، إذ تهدف المؤسسات المالية الدولية والمحلية إلى إيجادٍ طرقٍ جديدةٍ ومبتكرةٍ لتضخيم إيراداتها، سواءً عبر مساعدة العملاء على اتخاذ قراراتٍ أفضل فيما يتعلق بشؤونهم المالية أو بزيادة رؤوس أموالهم من خلال الاستثمارات.

من المعروف أن العملاء يتطلعون دائماً إلى البحث عن مستشارٍ يساعدهم على تحقيق أهدافهم المادية، ولا زالت هذه العملية بشريةً الطرفين إلى حدٍ كبير، حيث يجتمع العميل مع المستشار لتحديد الاستراتيجية الأفضل ومراجعتها وتعديلها تبعاً لما يستجد بمرور الزمن. إلا أن الذكاء الاصطناعي يحاول تغيير هذه العلاقة وتحويلها كلياً بأن يحل محل المستشار المالي، فقد تساعد الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قراراتٍ أكثر استنارةً وأماناً وربحيةً أيضاً، من خلال توفير الأدوات المالية الذكية للأفراد على الصعيد الشخصي، ووضع الاستراتيجيات بالنسبة للشركات من خلال دراسة الأسواق والمخاطر والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية المؤثرة.

يتمحور دور الذكاء الاصطناعي في الصناعة المالية حول اتخاذ القرارات الأفضل، والتي لن تكون إلا إذا امتازت الأنظمة الذكية بما يفتقر إليه البشر من قدرة استيعاب كم هائلٍ من المعلومات والإشارات، ومن دون توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي من معالجة البيانات، إنشاء الأنماط، الكشف عن الشذوذ، والتنبؤ، كما أن هذا أيضاً لن يتم إلا بتوفرمصدرٍ مستدامٍ من البيانات المتدفقة ذات الجودة العالية، والقدرة على تجميعها على النحو الأمثل.

يُعرّف الذكاء الاصطناعي على أنه التقنية التي تُكسب الآلات القدرة على محاكاة عمليات الذكاء البشري وتعلم القواعد من خلال بيانات التدريب. وهو مجالٌ سريع التطوّر يغطّي مجموعةً واسعةً من عمليات حل المشكلات واتخاذ القرارات، ويتضمن تعلّم الآلة، والتعلم العميق، ومعالجة اللغة الطبيعية. فقد وجدت أبحاث شركة ديلويت أن خوارزميات تعلم الآلة مثلا لغابة العشوائية والتعزيز الاشتقاقي تتفوق على النماذج التقليدية، والتي كانت تعتمد على الانحدار اللوجستي من حيث القدرة التنبؤية لمختلف التطبيقات، مثل التنبؤ باحتمالات التخلف عن السداد. كما تُستخدم خوارزميات تعلم الآلة في تحليل البيانات غير المهيكلة مع التطبيقات التي تتضمن تحليل النص، مما يتيح المزيد من الفرص فيما يتعلق بإدارة مخاطر الائتمان، مثل نمذجة إشارات الإنذار المبكر على أساس تقارير وسائل الإعلام.

5f02f56ca0b62d2f11745928_Picture1.png تعتمد خوارزمية الغابة العشوائية على عددٍ من أشجار القرار المدرّبة بشكلٍ مختلفٍ قليلاً عن بعضها ويؤخذ بها جميعاً في التصنيف النهائي. (مصدر الصورة)

من مجالات تعلم الآلة المُستخدم في تطبيقات المالية هو التعلم التعزيزي، وفيه يُدرّب النموذج لاتخاذ سلسلةٍ من القرارات التي من شأنها زيادة المكافأة الإجمالية من خلال التجربة والخطأ، بحيث يُحفّز النموذج لأداء سلوكيات لها مكافآت ويتجنب السلوكيات التي تترتب عليها العقوبات، ومن خلال ترك النموذج يتعلم بمفرده سيكتشف أفضل نهجٍ لتعظيم المكافأة وسيتطور من التجارب العشوائية إلى المعقدة. كما يُستخدم التعلم الموجّه لإنشاء نماذج تنبؤيةٍ من خلال الاستجابة للأنماط المُعترف بها سابقاً، وفيه تعمل الخوارزمية على مجموعةٍ من بيانات التدريب حتى تصل إلى مستوىً مُرضٍ من الدقة وتنتج دالةً قادرةً على التنبؤ بالمخرجات المستقبلية، بينما يُستخدم التعلم غير الموجّه أيضاً للعثور على أنماطٍ في البيانات.

تُعرّف معالجة اللغة الطبيعية بأنها فرعٌ من الذكاء الاصطناعي يهدف لفهم اللغة البشرية، ويتم من خلالها عزل الأصوات الفردية وتحليلها وتحويل الصوت إلى نص، وتحويله إلى شكلٍ يستطيع الحاسوب فهمه. وتتضمن عملية المعالجة استخدام خوارزمياتٍ لاشتقاق المعنى واستخلاص البيانات الأساسية من النص، وتحليل المشاعر. ويمكن توظيف معالجة اللغة الطبيعية في مجال التمويل والاستثمار، كأن تُستخدم في البحث عن عمليات الاندماج والاستحواذ، وكذلك التحرّي عن المشاعر حول شركات معينة للحصول على فكرة حول كيفية تفاعل المستهلكين معها، ويمنح هذا المتداولين والمستثمرين فكرة عن الأسهم التي قد ترتفع أو تنخفض، ويسمح لهم باتخاذ قراراتٍ أكثر استنارةً بشأن ما يجب فعله بأسهم العميل في الوقت الحالي.

يغيّر الذكاء الاصطناعي الكيفية التي تقوم بها المؤسسات المالية بأعمالها عبر توفير الرؤى المستخلصة من البيانات، والتي تدفع إلى استحداث أشكالٍ جديدةٍ من نماذج الأعمال، وتُعيد تشكيل البيئات والقوى العاملة التنافسية، كما أنها تولّد مخاطر جديدةٍ وتطرح تحدياتٍ جديدةٍ أمام المؤسسات وواضعي السياسات أيضاً. وتتوقع مؤسسات التقنيات المالية (الفنتك) أن الذكاء الاصطناعي سيوسع قوتهم العاملة بنسبة 19% بحلول عام2030م، ويرى الخبراء بأن التقنية ستكون قادرةً على اتخاذ معظم الخيارات المالية للمستخدمين.

مع ظهور الجيل الجديد من تطبيقات الهواتف الذكية، ظهرت العديد من التطبيقات المالية الشخصية المبنية على الذكاء الاصطناعي، إذ أطلقت شركة أوليفيا Olivia AI تطبيقها على نطاقٍ واسع في الولايات المتحدة، وهو بمثابة مساعدٍ مالي يستطيع التنبؤ بسلوك المستهلك ومساعدته على اتخاذ قراراتٍ ماليةٍ أفضل، ويعمل التطبيق على جمع البيانات الجغرافية ومعلومات الحسابات المالية للمستهلكين، مثل حسابات البنوك وبطاقات الائتمان، لتشجيع سلوك إنفاقٍ أفضل ومساعدتهم على توفير المال. ولقد ساعد التطبيق آلاف المستخدمين الأوائل على توفير أكثر من 5% من راتبهم كل شهرٍ بما يصل في المتوسط إلى 200 – 300 دولار، وكان معظمهم ممن يعملون بالساعة.

https://www.youtube.com/watch?v=0xtLOF1Hwx0

المصدر Olivia AI

تستمر الشركات في محاولة الاستفادة من البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تقديم خدماتٍ تُرضي عملائها، حيث أطلقت شركة ستراندز Strands أكثر من 700 تطبيق للهواتف الذكية في التقنيات المالية. وتقوم الشركة بتطوير الحلول البرمجية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للبنوك والمؤسسات المالية لزيادة مساحة مشاركة العملاء وليكونوا أكثر ذكاءً في التصرف بأموالهم، حيث تعمل تقنيات الشركة على تحويل تفاعل كل مستخدم إلى محادثةٍ ذات مغزى وتحويل البيانات المعقدة إلى رؤى ذات صلة في الوقت الفعلي لتوليد إيراداتٍ جديدة وتعزيز عائد الاستثمار.

كما استكشفت شركات إدارة الأصول والمحافظ حلول الذكاء الاصطناعي المحتملة لتحسين قراراتها الاستثمارية والاستفادة من بياناتها التاريخية، فعلى سبيل المثال، تقدم إحدى أكبر شركات إدارة الاستثمار في العالم المعروفة باسم شركة بلاك روك BlackRock منصة علاء الدين، وهي نظام تشغيلٍ مصممٍ خصيصاً لخبراء الاستثمار، وفيه يجمع برنامج إدارة المحفظة الشامل بين تحليلات المخاطر المعقدة، وأدوات إدارة المحفظة، وأدوات التداول، والعمليات، والمحاسبة، على منصةٍ واحدةٍ باستخدام تعلم الآلة. وتهدف الشركة إلى زيادة قدرات مدراء الاستثمار عبر المنصة من خلال منحهم القدرة على التنبؤ بأداء المحافظ في الوقت الفعلي بصورةٍ أسرع من إجراءها يدوياً. ويمكن تغذية المنصة ببيانات الإدخال في شكل أداء تداولٍ تاريخي للأوراق المالية، وبياناتٍ عن عوامل الخطر للتنبؤ بالأداء المستقبلي في ظل ظروفٍ اقتصاديةٍ مختلفة.

‍XGBoost: خوارزمية من خوارزميات تعلم الآلة التي تعتمد على شجرة القرار وتستخدم إطار تعزيز اشتقاقي، وتُعد الأفضل في مشاكل التنبؤ للبيانات المنظمة والمجدولة الصغيرة إلى المتوسطة، كما يمكن استخدامها في مشاكل التنبؤ التي تنطوي على بياناتٍ غير منظمة كالصور والنصوص وغيرها.‍ LightGBM: إطار تعزيز اشتقاقي يستخدم خوارزميات التعلم القائمة على الأشجار. يتميز بسرعة تدريبٍ أسرع، كفاءةٍ أعلى، دقةٍ أفضل، استخدام ذاكرةٍ أقل، والتعامل مع بياناتٍ واسعة النطاق.‍ DBSCAN: من خوارزميات تقسيم البيانات المعتمدة على كثافة البيانات الموجودة في الكتل لتكوين مجموعاتٍ متقاربةٍ من المعلومات، والإشارة إلى القيم المتطرفة للنقاط الموجودة في المناطق منخفضة الكثافة. ويشيع استخدامها في استخراج البيانات وتعلم الآلة.

تعلم الآلة Machine Learning التعلم العميق DeepLearning معالجة اللغة الطبيعية Natural Language Processing (NLP) الغابة العشوائية Random Forest التعزيز الاشتقاقي Gradient Boosting الانحدار اللوجستي Logistic Regression احتمالات التخلف عن السداد Probability of Default بيانات غير مهيكلة Unstructured Data التعلم التعزيزي Reinforcement Learning التعلم الموجّه Supervised Learning التعلم غير الموجّه Unsupervised Learning التقنيات المالية (الفنتك) Fintech شجرة القرار Decision Tree ديلويت Deloitte

توصيات

أبرز تطورات الذكاء الاصطناعي في القرن الواحد والعشرين

إنفوجرافيك

عرض
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي الممارسين الصحيين؟

إنفوجرافيك

عرض
لقاء ذكاء: منهجية DSRP لقيادة المشاريع البحثية في علم البيانات و تطبيقاتها

ورشة مسجلة

عرض
لقاء ذكاء: الذكاء الاصطناعي في استراتيجية الأعمال

ورشة مسجلة

عرض