يبحث رواد الأعمال باستمرار عن طرقٍ للابتكار وتحسين عمليات منشآتهم التجارية، وإن أحد القطاعات الخصبة بفرص الابتكار هو قطاع الزراعة والري، حيث يمكن أن يلعب إنترنت الأشياء (IoT) دوراً مهماً فيه. وسنناقش في هذا المقال أهم استخدامات تقنيات إنترنت الأشياء ودورها في الزراعة والري، فوائدها، والتحديات والقيود أمامها، ومستقبلها، وإمكانياتها لتطوير ممارسات الزراعة المستدامة.

يعبر مصطلح إنترنت الأشياء عن شبكةٍ من الأجهزة والمستشعرات والبرامج التي تجمع البيانات وتنقلها عبر الإنترنت. وتتنوع هذه الأجهزة من الهواتف الذكية إلى منظمات الحرارة، والتي تتصل عبر الإنترنت ببعضها وبنظامٍ مركزي. ونظراً لأهمية الزراعة والري في توفير الأمن الغذائي لأي دولةٍ، فإن استخدام إنترنت الأشياء لمراقبة الجوانب المختلفة للزراعة والتحكم فيها، بما في ذلك رطوبة التربة ودرجة الحرارة ومستويات العناصر الغذائية في التربة، سيعمل على تحسين إنتاجية المحاصيل وتقليل استخدام المياه وخفض التكاليف.

تكمن أهمية وفائدة استخدام إنترنت الأشياء في الزراعة والري في كونها تلعب دوراً كبيراً في زيادة الكفاءة، ومن أبرز فوائدها: ● المراقبة الفورية: يمكن استخدام مستشعرات إنترنت الأشياء لمراقبة مستويات رطوبة التربة فورياً، مما يسمح للمزارعين بتعديل جداول الري بناءً على هذه البيانات. كما يمكن لمستشعرات إنترنت الأشياء مراقبة صحة المحاصيل، واكتشاف العلامات المبكرة لحدوث الأمراض. ويتيح ذلك للمزارعين اتخاذ إجراءاتٍ تصحيحيةً قبل أن تزداد حدة المشكلة، مما يقلل من خسائر المحاصيل.

● الزراعة الدقيقة: يمكن استخدام إنترنت الأشياء لإنشاء خريطةٍ مفصلةٍ للمزرعة، للتركيز على المناطق التي تحتاج إلى قدرٍ أكبر أو أقل من المياه أو العناصر الغذائية الأخرى، وهذا يمكّن المزارعين من استخدام الموارد بشكلٍ أكثر كفاءة، وتقليل الهدر.

● مراقبة الطقس: يمكن استخدام مستشعرات إنترنت الأشياء لمراقبة الأحوال الجوية، وتزويد المزارعين بالبيانات فورياً عن درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح وغيرها من العوامل الأخرى. ويساعد هذا المزارعين على اتخاذ القرارات المناسبة بشأن الزراعة والحصاد والعمليات الزراعية الأخرى.

● الأتمتة والتحكم عن بعد: يمكن استخدام أجهزة إنترنت الأشياء للتحكم في أنظمة الري عن بُعد، مما يتيح للمزارعين ضبط تدفق المياه والضغط عبر تطبيقاتٍ مثبتةٍ في هواتفهم الذكية أو الأجهزة المحمولة الأخرى. وهو ما سيقلل من الحاجة إلى العمل اليدوي ما يسمح للمزارعين للتركيز أكثر على مهاهم الأخرى.

ومن الشركات التي طبقت بنجاح تقنية إنترنت الأشياء في الزراعة هي شركة فارموبايل (Farmobile)، وهي شركةٌ متخصصةٌ في جمع البيانات وتحليلها للصناعات الزراعية. حيث تتيح المنصة التي طورتها الشركة المزارعين على جمع البيانات في الوقت الفعلي حول العوامل البيئية، بما في ذلك رطوبة التربة ودرجة الحرارة وهطول الأمطار وغيرها، وتوفر رؤى حول كيفية تأثير هذه العوامل على نمو المحاصيل وصحتها. ويساعد استخدام هذه البيانات لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن الري والتسميد والجوانب الأخرى لإدارة المحاصيل. كما نجحت شركة بريسيجن هاوك (PrecisionHawk)، وهي شركة متخصصة في جمع البيانات الجوية لصناعة الزراعة، في تطبيق تقنية إنترنت الأشياء في المجال الزراعي، حيث تستخدم استخدام طائراتٍ من دون طيار لجمع البيانات حول العوامل البيئية، مما يوفر للمزارعين رؤى فورية للظروف التي تمر بها محاصيلهم. أما في المملكة العربية السعودية، فتجري جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) البحوث والدراسات حالياً لاستخدام تقنيات إنترنت الأشياء لرصد سوسة النخيل الحمراء، والتي تُعرّف بفدرتها على التسبب بأضرار جسيمة وواسعة النطاق لأشجار النخيل، وهي أحد أكبر تحديات الآفات الزراعية التي تمر بها المملكة حالياً. حيث استخدم الباحثون مستشعرات الكشف الصوتي، والكشف الكيميائي الشمي، وتحليل الصور متعدد الأطياف لرصد الأعراض المبكرة لإصابة النخلة بالسوسة، وهو ما مكنهم من علاجها مبكراً ومنع انتشار المرض. ويجري حالياً تجريب هذه التقنيات ميدانياً بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

رغم الفوائد العديدة من استخدام إنترنت الأشياء في الزراعة والري، إلا أن هناك أيضاً بعض التحديات والقيود التي تحصر استخدامه حالياً. ومن أبرز التحديات التي تواجه توظيف إنترنت الأشياد في الزراعة والري: ● التكلفة العالية للتوظيف: يكلف تطبيق هذه التقنية في الزراعة والري مبالغ طائلة. فقد تكون مستشعرات إنترنت الأشياء والطائرات بدون طيار والأجهزة الأخرى باهظة الثمن، وقد لا يمتلك العديد من المزارعين والشركات الزراعية الموارد اللازمة للاستثمار في هذه التقنيات. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب توظيف إنترنت الأشياء المعرفة والخبرة اللازمة لإدارة هذه الأجهزة، الأمر الذي قد لا يكون متاحاً في بعض المناطق.

● إدارة البيانات المعقدة: تولد أجهزة إنترنت الأشياء كميةً هائلةً من البيانات التي يجب جمعها وتخزينها وتحليلها والتصرف بناءً على النتائج المستخلصة منها. حيث قد تكون إدارة هذه البيانات صعبةً خاصةً في ظل غياب الخبرة والمعرفة، لأنها تتطلب برامج وأجهزة متخصصةً يصعب تفسيرها لمن ليس لديهم خبرةً فنية.

● محدودية التوصيل للمناطق الريفية: تفتقر العديد من المناطق الزراعية والريفية للاتصال بالإنترنت أو بالشبكات الخلوية، مما يجعل استخدام تقنيات إنترنت الأشياء التي تتطلب اتصالاً دائماً بالإنترنت أمراً صعباً. حيث يمكن أن يحد هذا من قدرة المزارعين والشركات الزراعية على جمع البيانات فورياً عن المحاصيل والظروف البيئية، الأمر الذي سيحد بالتبعية من قدرتهم على اتخاذ القرارات المناسبة لإدارة المحاصيل.

● المخاوف الأمنية: تعتبر أجهزة إنترنت الأشياء في الزراعة والري عرضةً للهجمات الإلكترونية، وهناك مخاوف بشأن خصوصية البيانات وأمنها. إذ قد يتمكن المخربون من اختراق أجهزة إنترنت الأشياء وتعطيل العمليات أو سرقة البيانات الحساسة، بما في ذلك معلومات حول طبيعة استخدام المحاصيل وظروف التربة وأنماط الطقس. ويمكن أن يؤدي هذا إلى خسائر ماليةٍ كبيرةٍ وإلحاق الضرر بسمعة المزرعة أو الشركة الزراعية.

● التوافق مع البنية التحتية: يعد دمج أنظمة إنترنت الأشياء مع المعدات والبرامج الزراعية الحالية تحدياً تقنياً للشركات الزراعية التي ترغب بتوظيف هذه التقنيات الحديثة، فقد لا تتوافق العديد من أنظمة إدارة المزارع الحالية مع أجهزة إنترنت الأشياء المتقدمة. يمكن أن يحد ذلك من قدرة المزارعين والشركات الزراعية على اتخاذ القرارات المناسبة والمبنية على تحليل البيانات المجمعة لإدارة العمليات.

توصيات

كتيب إنترنت الأشياء للمنشآت الصغيرة والمتوسطة

كتيب

عرض
تقنيات إنترنت الأشياء في القطاع الزراعي

إنفوجرافيك

عرض
لقاء ذكاء: إنترنت الأشياء في قطاع سلاسل الإمداد

ورشة مسجلة

عرض
ورشة ذكاء: النمذجة الأولية لمنتجات إنترنت الأشياء للأدوات الطبية

ورشة مسجلة

عرض